Posts Tagged ‘خاطرة عن فلسطين’

لي وطنان

18/12/2017

لي وطنان..

وطن سجين، بمفهوم الناس له علم ودستور، بلا جيش ولا حكم ولا تمكين..

ووطن حرٌ.. يعيش بذات الوطن المقيد.. 
تعانق فيه الأرض السماء بلا حدود ولا قيود..
فيه الأشجار واقفة لا تنحني..
فيه الجبال لا يغيرها مر السنين..

هي ليست مجرد كلمات عابرة كما اعتدت أن أكتب..
أحببت أن أبوح بسر علاقتي الوطيدة بالطبيعة.. بالشجر والحجر والتراب.. بالشمس والمطر والسحاب.. بكل شيئ بعيد عن الناس في السجن الكبير الذي نسميه وطنا مجازا..

أكثر الأوقات التي أشعر فيها بالسعادة هي تلك التي اقضيها في أحضان الطبيعة.. في السهول أو الجبال.. أتجول بين أشجار الزيتون الرومانية التي تحفظ التاريخ ولا تزيفه.. أو بين أشجار البلوط والصنوبر البري التي لم تغير يوما مكانها او تستلم لريح كانون..

 

أنا والموت.. ذكريات مؤلمة من فلسطين

10/02/2017

رحيل

الذكريات في وطني تعيد نفسها كثيرا.. بل تفرض نفسها فرضا..
لكنها.. ليست ككل الذكريات..
هي أليمة حزينة.. ترتسم على الأزقة والجدران..
ترتسم على المنابر والمحابر..
ترتسم على وجوه تسبح في براءتها..
ترتسم على وجوه أرهقها الحنين والفراق..
الذكريات في فلسطين أكبر من أن تحتويها ذاكرة وأصعب من أن يحملها قلب..
ومع ذلك هي محفوظة كالنقش في الحجر.. لا تزول أبدا..
كمواطن فلسطيني عادي، شهدت الموت بنفسي مرات ومرات كثيرة واصيب واستشهد قربي وامام ناظري كثير.. مواقف لا انساها أبدا.. وهل يُنسى الأسى!
مدرسة حوارة الثانوية
كنت طالبا في الصف الثامن عام 2002 على ما اذكر.. كانت انتفاضة الأقصى ملتهبة وقتها بسبب زيارة رئيس الوزراء الصهيوني شارون وتدنسيه لباحات المسجد الأقصى، وكان قد مر على الانتفاضة عام كامل تقريبا.. سقط خلاله مئات الشهداء والاف المصابين..
كانت مدرستي تبعد قريبا من كيلومترين عن بيتي، وبلدة حوارة التي اعيش فيها يشقها شارع عام يمر منه المستوطنون الصهاينة.. وهو ذات الشارع الذي كنت اسير فيه يوميا للوصول إلى المدرسة.. وفي أحد الأيام وعند وصولنا الى مفترق المدرسة قام مجموعة من الطلاب بالقاء حجارة على سيارة احد المستوطنين كردة فعل طبيعية للجرائم الصهيونية التي كانت تشهدها كل أرجاء فلسطين.. وما ان اصطدمت الحجارة بالسيارة حتى فر جميع الطلاب باتجاه المدرسة التي كانت تبعد تقريبا 50 متر  وكنت من ضمن الفتيان الهاربين باتجاه المدرسة عندما سمعت صوت اطلاق نار متتابع يصم الاذان.. وكنت اسمع صوت ارتطام الرصاص من حولي..
لا زلت أذكر جيدا صراخ الطالب الذي كان يركض بجانبي ” تصاوبت.. تصاوبت” كنت انظر اليه وانا اركض واظن انه يمزح، وافكر كيف يمكنه الركض وهو مصاب.. كان يضع يده على بطنه وهو يصرخ.. فنظرت إلى ظهره فإذا بقعة كبيرة من الدماء تغطي زيه المدرسي.. وكانت رصاصة متفجرة حاقد اخترقت ظهره واصابت اعضاءه قبل ان تخرج من بطنه وتصيب طالبا اخر.. كانت المسافة بيننا لا تتجاوز مترا ونصف.. لا أكذب حين أقول انني تمنيت ان أكون مكانه حينها لا أدري تمام لماذا..
الحمد لله شفي بعد عدة عمليات جراحية استمرت عدة سنوات..

طريق تل- نابلس

كنت حينها طالبا في الصف العاشر.. عام 2004 وكانت احداث الانتفاضة لا زالت ملتهبة والطرق بين المدن مغلقة بالحواجز والسواتر الترابية.. قرر والدي يومها الذهاب لمدينة نابلس التي لا تبعد عن بلدتي سوى 7 كيلومترات، كانت الرحلة تستغرق حينها عدة ساعات عبر الجبال والوديان.. كان الناس كثر.. بينهم طلاب الجامعات والمعلمون والمحامون والمرضى والعاملون وكل اصناف المجتمع.. كلهم يريدون صعود ذلك الجبل كي يتجاوزوا حاجزا نصبه الاحتلال ومنع الناس من المرور.. وقبل ان نبدأ صعود الجبل انهمرت علينا قنابل الغاز المسيل للدموع.. سقطت احدى القنابل مترين او ثلاثة قربنا.. وقبل ان تنفجر وتبدأ بضخ غازها السام المؤلم صاح أحدهم ” واحد منكم يرميها بعيد بسرعة!” مع انني كنت صغيرا وقتها وكان هناك عشرات الرجال حولي شعرت وكأنه واجبي.. واجبي وحدي.. قفزت الى المكان الذي سقطت فيه وكانت في شجيرة شوكية صغيرة على جانب الطريق الذي يقف فيه الناس وكان المكان مرتفعا عن الشارع مترا تقريبا.. اقتربت منها سريعا ومددت يدي لاتناولها.. لكن! لم يسعفني الوقت، انفجرت وانبعث الغاز دفعة واحدة في وجهي.. ولا أذكر ما حصل أبدا حينها، فحسب ما قالته جدتي التي كانت ترافقنا يومها فإني قد فقدت الوعي مباشرة قبل ان اسقط إلى الشارع، حيث انني استنشقت كمية كبيرة من الغاز السام الذي كاد يودي بحياتي، وتم نقلي الى الاسعاف واستعدت وعيي وصحتي والحمد لله بعد عدة ساعات..
أحداث كثيرة حصلت اثناء داراستي في الثانوية نجوت من كثير منها بأعجوبة، وما ان التحقت بالجامعة حتى اعقلني المحتل واودعني سجونه لعامين وفي تلك الفترة بين عامي 2007 و 2009 هدأت الأحداث نسبيا في الضفة الغربية..
وفي الأعوام القليل الماضية شهدت الموت مجددا أمام ناظري..
اصعبها استشهاد الأخوين والصديقين خالد عودة وطيب شحادة الذين قُتلا امام عيني وقربي.. وكنت قد  كتبت عنهما بشكل منفصل..
وغيرها مما أوجع قلبي وفطر فؤادي وانا مكتوف اليدين..

   سبتمبر 2015 – مدخل نابلس الغربي

 كنت متوجها بسيارتي ليلا برفقة عائلتي إلى مدينة نابلس من الجهة الغربي وقبل مفترق قوصين تفاجئنا بتوقف السير امامنا بثلاث او اربع سيارات بعد صوت اطلاق نار، ترجلت من السيارة لأرى جيبات عسكري اسرائيلية تقيم حاجزا على الطريق، سألت أحد الاشخاص الذين كانوا متواجدين في المكان فأجاب ان الجنود اطلقوا النار على احد السيارات واشار اليها، فانفجر قلبي من الألم عندما علمت ان احدهم مصاب داخل السيارة.. حاولت الاقتراب من السيارة فمنعني الجنود واشهروا اسلحتهم في وجهي وصاروا يصرخون بأعلى صوتهم.. بدأت أتصل بأصدقائي من الصحفيين في الوقت الذي وصلت فيه سيارات الإسعاف.. فقام الجنود أيضا بمنع المسعفين من الاقتراب من المصاب.. فحاولت اقناع المسعفين بعدم الانصياع للجنود وقلت لهم سنقترب جميعا من السيارة رغم انف الجنود ونأخذ المصاب.. لكنهم لم يجازفوا لان الجنود كانوا على استعداد لاطلاق النار على اي شخص يقترب.. وبعد انقضاء حوالي نصف ساعة قام مجموعة من الجنود باخراج المصاب من السيارة على نقالة وادخلوه احد الجبيات العسكرية قبل ان ينقلوه إلى جهة مجهولة.. نظرت إليه بحزن عميق.. لا أدري أحزني عليه لأنه لا يحرك ساكنا.. أم حزني على نفسي لأنني أنا أيضا لم أحرك ساكنا!!
انسحب الجنود وفتحوا الطريق.. ومرت ايام قليلة وصورته لا زالت أمام عيني حتى علمت انه استشهد رحمه الله.. وعلمت انه من بلدة بيت فوريك

حاجز حوارة.. حاجز الموت

23/11/2015
كنت متوجها إلى مدينة نابلس بسيارتي عندما وصلت الحاجز سيئ الصيت والسمعة والذي سمي باسم بلدتي ” حاجز حوارة” حيث كانت هناك أزمة سيارات كبيرة وسط صراخ بعض الناس ان هناك شهيد.. تجاوزت بسيارتي عن مجموعة من السيارات لأرى مشهدا مؤلما جديدا يضاف إلى قائمة طويلة جدا.. وفي كل مرة أقول هذا المشهد هو الأقسى على قلبي.. كانت سيارة متوقفة الى يسار الطريق.. زجاجها الخلفي قد هشمه الرصاص.. واختار من بين ركاب السيارة رأس الفتاة سماح عبد المؤمن 18 عاما ليستقر فيه.. ليسقط رأسها على كتف امها.. ويسيل دمها الطاهر على أكف والدها وشقيقتها.. سقط رأسها وسقطت معه كل الرؤوس.. سقط معه رأسي وقلبي.. حملوها إلى الأرض ودماها تتدفق على الأرض التي سرقها المحتل منا.. والله ان الكلمات لتعجز عن وصف ذلك المشهد..  استشهدت سماح رحمها الله بعد عدة اسابيع في المستشفى.. وكان الرصاص قد اصابها عندما اطلق الجنود النار على شاب فلسطيني كان يمر بالقرب من الحاجز قتل هو ايضا..
سماح عبد المؤمن

التقطت هذه الصورة بكاميرا هاتفي في 23/11/2015 من مكان استشهاد الفتاة سماح عبد المؤمن عند حاجز حوارة

 

تلك الأحداث جزء من ذاكرتي التي لا أريدها ان تنسى، وكم من ذكرى مؤلمة حصلت على هذه الأرض..
إيــــــــــــــــــه يا فلسطين.. لك الله..
نسأل الله الصبر والثبات وأجر الرباط..
امين

موت غريب حياة!

24/07/2016
384826_180499705380386_100002610747257_308901_1654151149_n
صوت بوم ينعى الرحيل..
غربان تتراقص على هوائيات المنازل..
أشخاص يضحكون.. وكثيرون يبكون..
الشمس تشرق كعادتها.. ويطول النهار..
ثم يحل الغروب..
منظر حزين جميل يعلن نهاية اليوم الذي مضى..
ويؤكد أن العمر الذي مضى لن يعود..
طال عمر الموتى.. وقصر عمر الأحياء..
رحل الغريب في وطنه..
ماضيه دفن في الثلوج والجبال.. وبقي في صفحات الكتب..
حاضره يجري بسرعة، يبحث عن الصورة الحقيقية بين المرايا..
ومستقبله خالد.. لا تمحوه الرياح الغربية ولا الشرقية..
ورحل في قطار بطيء تجرّه الخيول الغربية..
رحل إلى خاتمة الحكايات..
إلى ضوء رهين في أعين الخفافيش..
الماضي الذي كنا نجلس على أطلاله نرثي أنفسنا ونبكيه، هو ذا يرتسم في عالمنا وزمننا..
هو هو.. كما كان..
لم تتغير فيه إلا أشياء بسيطة..
تكسرت السيوف والرماح..
تبدلت الملابس، وتغيرت الهيئة..
سكت الناس كثيرا ..
اختبأت في أعينهم صورة تائهة خرجت من بين السطور.
يبكي المسكين من الحزن..
يبكي الصغير من الألم..
ويبكي القوي من القهر..
ولا يبكي من لا قلب له.. بل يكتفي ببكاء الآخرين..
يزرع الشوك لـ “يحصد الأزهار”..
ويتمنى لو أن كل قوي أضعف منه..
عندما يموت غريب في وطنه لا تنتهي حكايته..
بل تموت حياته.. لتبدأ حياته التي لا تموت..
عندما يموت..
يمر طيفه فوق ناطحات السحاب..
يبتسم ويسير لا يتوقف..
يمر فوق الجبال والسهول والأنهار التي ودعها..
يبتسم بحزن.. ويسير..
يكتب حكايته بدمه المسفوح في شتاء غريب..
” لا تبكي إذ ظُلمت.. لا تيأس إذا هزمت..
لا تفرح اذا انتصرت.. وابتسم في كل مرة تغيظ بها عدوّك”..
بعد أيام..
اشتد البرد.. والصمت..
ثقلت على الدنيا الجيف المتحركة..
تجمعت الغيوم فوق صلبانهم..
أمطرت السماء بغزارة..
أبرقت وأرعدت..
وأصحاب الجيف يضحكون..
حاضرهم يجري بهم إلى حتفهم..
مستقبلهم يجري بهم إلى حتفهم..
فالغريب لم يعد غريبا واحدا..
بل أصبح جبل الثلج كله غرباء..

لماذا نحب الشتاء؟!

24/07/2016
في داخل قلوبنا اسرار عميقة لا يدرك كنهها أحد.. حتى نحن! نعم نحن! أحيانا نقف عاجزين على فهم ما يدور بداخل قلوبنا.. فهي تحب وتكره دون إذن منا أو من احد.. بل ونتبعها في هواها في كثير من الأحيان..
لا أشك أن للشتاء مكان مميز في القلب.. أو أن للقلب مكانة مميزة في الشتاء.. سواء كانت هذه أو هذه فلكل واحد علاقته الحميمة مع الشتاء.. علاقة حميمة أدفأ من الحطب المتوقد للتدفئة.. فللشتاء ذكريات تمتزج فيها انسام السعادة بحبات المطر.. وتختلط فيها امال المستقبل بآلام الماضي والحاضر..
في الشتاء يختبئ كل شخص في بيته.. يهرب من البرد.. والقلب أيضا يهرب في الشتاء.. يهرب من الواقع إلى الفضاء.. حيث الغيوم تحمل الخير ينهمر فوق الارض التي تعلق بها..
سر غريب هو.. يجذبنا الى الماضي الذي نحب..
كان الشتاء يجمعنا في صغرنا حول المدفاة.. نلعب ونلهو.. نأكل ونشرب.. ولما كبرنا صرنا نستذكر الجزء الحزين من حياتنا في الشتاء.. فلعل المطر يغسله فيعود سعيدا..
رائحة الشتاء، برد الشتاء، صوت المطر، صوت المياه التي تجري في الطرقات كلها تحفر في القلب احاسيس ومشاعر يحس بها كل الناس.. لكنهم يكبتونها حتى لا تكشف اسرارا يريدون إخفاءها..
في الشتاء نبتسم بصمت ونحن نرى مشهدين مختلفين.. مشهد الأمل، حيث ينزل المطر على الشجر والبيوت فيغسلها وتبدو أجمل.. بل وتبدو مشرقة بالحياة التي تختبئ داخلها.. ومشهدٌ فيه نفحات من حزن.. عندما نرى المطر يهطل في الليل.. ونرى حباله متدلية امام اضواء الشوارع.. نرى المياه تجري في الطرقات تحمل بقايا أوراق كتبت عليها ذكريات ايام جميلة وحزينة.. ذاب الحبر في الماء.. وبقيت الأوراق بيضاء كبياض قلوب محبة غسلها المطر..

بيتي والذكريات

24/07/2016
بيت فلسطيني
في منزلي تجتمع الذكريات ففي كل زاوية ذكرى.. وكل ذكرى لها قصة تحكيها نبضات القلب.. فهنا رسمت حلمي على الجدار.. وهناك ضحكت ولعبت.. وعند ذلك
الجدار وقعت وبكيت.. وفي تلك الحديقة لعبت ولهوت مع من احببت..
في تلك الغرفة نمت في حضن امي الحنونة.. وفيها كان ابي يحملني على ظهره.. وهناك لطالما تشاكست مع اخوتي..
في كل شبر من البيت ارى صور كثيرة.. ارى صورة الطفل الصغير الذي لا يفكر بشيئ الا اللعب.. وارى صورة الفتى الصغير باحلامه البسيطة.. وارى صورة المراهق بطيشه ومغامراته.. وارى صورة الشاب المتزن الذي بات يدرك بعض اسرار الحياة..
واليوم ارى اطفالي يلهون في نفس البيت.. يخطون نفس خطواتي ويتصرفون نفس تصرفاتي.. وكأني ارى صورتي حية من جديد..

لماذا نحنّ إلى الماضي؟

11/04/2015

خاطرة عن الماضي

 

يجذبنا الحنين دائما إلى الماضي.. إلى ذكريات الصبا وأيام الطفولة..
تستوقفنا لحظات من الصمت أحيانا عندما تقع ابصارنا على صورة قادمة من ماضينا الجميل.. تتحرك مشاعرنا وتنبض قلوبنا بشوق حزين.. فنحن نعلم أن الماضي لا يعود.. وكأن شوقنا إلى الماضي هو هروب من الواقع او خوف من المستقبل!

لماذا نقف كثيرا عند الذكريات؟ عند صور الماضي وأخبار الماضي؟

ربما هو الحنين للطفولة.. للأمن والبراءة والعفوية والبساطة.. حيث لا هموم ولا مسؤوليات ترهق القلب والعقل..

أو ربما هو الحنين لمن كنا نحبهم في الماضي.. الأخوة والاخوات والاقارب والاصدقاء الذين ابعدتهم الدنيا عنا..

يبقى الماضي هو الماضي.. ومن يعيش في الواقع لا يرجع ابدا إلى الوراء.. لكن تبقى الذكريات العطرة ترسل شذاها ليضفي املا على واقعنا ومستقبلنا!