
سرت تحت المطر في ليل مظلم.. أستشعر وقع حبات المطر على الأرض..
أنظر يمنة ويسرة.. فأرى شجر بلادي الحبيبة..
أرى الزيتون المبارك في هذه الارض الطيبة المباركة..
أرى السهول والجبال..
فاجول بخاطري بعيدا.. في ظلمة الليل ونفحات البرد.. وصوت المطر..
وحباله المتدلية أمام اضواء الشوارع..
والمياه الجارية في الطرقات.. ترسم لوحة جميلة.. رأيتها من قبل.. ” لوحة امل”
خاطرة جالت بخاطري كثيرا..
رحلت معي حيث رحلت.. وسكنت معي حيث سكنت..
كانت وكأنها كلمات متقاطعة.. يصعب لم أشتاتها..
كانت صورا مبعثرة.. تختفي لتظهر من جديد..
كانت املا يزداد إشراقا يوما بعد يوم…
كانت نورا يملأ القلب سعادة وسكينة..
كانت سرا خفيا.. تخفق القلوب شوقا لخوض غماره وكشف مجهوله..
مرت الأيام.. أيام تتلوها أيام..
أيام في غفلة.. أيام في جلوة.. أيام في عزة.. أيام في محنة..
أيام مرت ثقيلة كجبال الوطن الغريب..
أيام مرت حزينة كأنين الفجر ينتظر إشراقة فجر صادق..
وأيام مرت صارخة منتفضة متفجرة في وجه الظلم..
أقف على أعتاب الواقع الذي أعيشه..
فأرى انعكاس البراءة في عيونٍ صغيرة تنظر بحب لكل ما حولها.. وتبكي إذا ابتعدت عن الوجوه التي اعتادتها..
أرى الصور المتغيرة لوجوه من أعرف في كل وقت يَمُرّ..
أرى انعكاس الذل على وجوه الخانعين..
أرى انعكاس العز المشرق على وجوه الثائرين..
وأرى صورة الماضي تتلاشى شيئاً فشيئا..
وتنبت الزهور في أرضٍ عشقت دماء المضحين لاجلها..
وتشمخ جبال الزيتون في ربيع المسك النازف من جراح الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه..
أرى صور الشباب والشابات (الملتزمين بدين الله عز وجل وسنة نبيه) الذين عشقوا أرض الوطن..
عشقوا ترابه وزيتونه.. عشقوا سهله وبحره..
تعلقت قلوبهم بأقصاه وكل مساجده..
سكنت نفوسهم بيت المقدس.. وحلقت أرواحهم في سمائها..
أرى صورهم يضحون ويبذلون.. يتقون المعاصي ويبادرون للطاعات..
يجتنبون الشهوات.. ويتسابقون للخيرات..
وارى دماء المخلصين منهم تسفك فوق التراب الذين عشقوه.. فينبت غرسا صادقا يحمل الرسالة.. وتبدأ الحياة من جديد..
وتمضي الحياة.. لا تهدأ ولا تتوقف..
رغما عن الصعاب.. رغما عن العوائق..
رغما عن الآلام والاحزان..
ننتزع أجمل اوقاتنا من قلب المحن..
ونرسم صورة المستقبل المشرق على جدران الزنازين المظلمة..
